شهد سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، توقيع شراكة نوعية بين مركز الفجيرة للمغامرات وهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى الارتقاء بسياحة المغامرات في دولة الإمارات إلى آفاق جديدة.
وتوّج الجانبان هذا التعاون بتوقيع مذكرة تفاهم خلال مؤتمر الفجيرة الدولي لسياحة المغامرات يوم 30 أبريل، لترسي شراكة استثنائية بين اثنتين من أبرز وجهات المغامرات الجبلية في الإمارات، حيث تلتقي القمم الشاهقة والمعالم السياحية الشهيرة في رأس الخيمة مع وديان الفجيرة ومساراتها التراثية الآسرة في تجربة موحّدة تنسج ملامح جديدة لسياحة المغامرات في الدولة.
وتفتح هذه الشراكة آفاقاً جديدة لسياحة المغامرات من خلال إطلاق أول مسار جبلي (هايكنغ) عابر للإمارات في الدولة، ما من شأنه أن يكشف عن جمال الطبيعة الخلاّبة في الإمارات الشمالية بكل ما فيها من تنوّع وتفرّد. وتقدّم الوجهتان معاً تجربة مغامرات متكاملة وفريدة تمتد عبر جبال وعرة ووديان تاريخية وسواحل وصحاري آسرة، بالتماشي مع التزام الإمارتين المشترك بدعم السياحة المستدامة عبر مشاريع تضع في صميم أولوياتها الحفاظ على البيئة وصون التراث الثقافي وتعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في مسيرة النمو السياحي المستدام.
وتحتضن إمارتا رأس الخيمة والفجيرة مجموعة من أبرز وجهات المغامرات في دولة الإمارات، كما تتميّز بكنوز طبيعية ومرافق عالمية المستوى. ففي رأس الخيمة، يشكل جبل جيس - أعلى قمة في الدولة - معلماً بارزاً ووجهة مثالية لعشّاق المغامرة لما يقدّمه من تجارب مشوّقة مثل جيس فلايت وجيس سليدر وجولة منزلقات جبل جيس (جيس سكاي تور)، بالإضافة إلى مخيم بير جريلز للمستكشفين، وشبكة من مسارات المشي الجبلية تمتد على مسافة 96 كيلومتراً. ويبرز من بين هذه الوجهات مسار "جبل جيس ريم" الدائري بطول 40 كيلومتراً، ويضم أطول ممشى جبلي ومسار قِمم في الدولة كما توفّر مناظره البانورامية إطلالات ساحرة على غابات المانغروف الساحلية وسلسلة جبال الحجر الممتدة حتى سلطنة عُمان. وتكتمل تجربة المشي متعددة الأيام بإتاحة التخييم الليلي في القرى المحلية، ما يتيح للزائرين فرصة التعرّف عن قرب على الثقافة الإماراتية الأصيلة، والمساهمة في دعم السياحة المستدامة.
وتزخر إمارة الفجيرة من جهتها بتجارب مغامرات عالمية المستوى، تتقدّمها "حديقة الفجيرة للمغامرات"، إلى جانب شبكة متكاملة من مسارات المشي المطوّرة. كما تتميّز الإمارة بمسار الطيبة التاريخي، وهو طريق تجاري قديم يربط القرى الجبلية يعكس عمق الإرث الثقافي للمنطقة. ويقدّم مسار "القمم السبع" في قلب الفجيرة إطلالات بانورامية على المدينة والساحل، فيما يوفّر "مسار عين الشرية" تجربة فريدة لهواة الجيولوجيا من خلال تكويناته الصخرية اللافتة ونقوشه الأثرية التي تروي قصصاً ضاربة في عمق التاريخ المحلي. ويأخذ مسار وادي الظاهر عشّاق الاستكشاف في رحلة إلى برك الكبريت الأخاذة، بينما يشكّل "وادي العبادلة" واحة طبيعية تزخر بالمياه الجارية على مدار العام. أما الباحثون عن تضاريس أكثر تنوّعاً، فيجدون في مسار "سل خيل" وحافة العقّة الساحلية تجربة استثنائية تجمع بين إطلالات الجبال وسحر البحر في مشهد لا يتكرر. وتتكامل هذه المواقع مع أبرز وجهات المغامرات في رأس الخيمة، مثل جبل المبرة وشوكة ودفتا وممدوح ووادي إصفي وإصفني، لتشكّل معاً مساراً متّصلاً للمغامرات، يجمع بين ثراء الطبيعة وتنوّع التضاريس، ويفتح آفاقاً جديدة لهواة الاستكشاف على امتداد الإمارتين.
وقال برنت أندرسون، الرئيس التنفيذي للشؤون التجارية في هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة: "لا تقتصر هذه الشراكة على توسيع عروضنا السياحية فحسب، بل تهدف أيضاً إلى خلق روابط عميقة وملهمة بين الطبيعة والمجتمعات المحلية والثقافات المتجذّرة بطريقة لم نشهدها من قبل. ومن خلال تعاوننا مع مركز الفجيرة للمغامرات، لا نكتفي بإثراء سياحة المغامرات في دولة الإمارات فحسب، بل نرسي أيضاً نموذجاً متفرّداً للتكامل السياحي بين الوجهات يحتفي بالتنوع ويعزّز الاستدامة ويُلهم جيلاً جديداً من عشّاق الاستكشاف لخوض تجارب لا تُنسى وسط أروع المناظر الطبيعية في المنطقة."
من جانبه، قال عمرو زين الدين، مدير مركز الفجيرة للمغامرات: "تمثّل مذكرة التفاهم خطوة استراتيجية نحو ترسيخ مكانة دولة الإمارات كمركز إقليمي رائد في سياحة المغامرات. ومن خلال توحيد الجهود مع هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة، نعزّز حضورنا المشترك على الساحة الدولية ونؤكد مكانة الإمارتين كوجهتين متكاملتين في هذا القطاع المتنامي. وتفتح هذه الشراكة أيضاً آفاقاً واسعة لتبادل الخبرات وتنسيق جهود التطوير وتقديم تجارب مغامرات ثرية ومتنوعة تجذب الزوّار من مختلف أنحاء العالم، مع الحفاظ في الوقت ذاته على الطابع الفريد لكل إمارة. كما تسلط المبادرة الضوء على العمق الثقافي والتاريخي لكل من رأس الخيمة والفجيرة بما يضمن ترسيخ مكانة سياحة المغامرات في الثقافة المحلية، وانسجامها مع السياق التراثي الذي يُشكّل هوية الإمارات الشمالية".
شراكة استراتيجية في لحظة محورية
تأتي هذه الشراكة في توقيت بالغ الأهمية، بالتوازي مع النمو المتسارع الذي يشهده قطاع سياحة المغامرات والذي أصبح يشكل رافداً رئيسياً للاقتصاد المحلي منذ عام 2022. وتشير التقديرات إلى أن قيمة هذا القطاع ستبلغ نحو 30 مليون درهم بحلول عام 2030، مدعومة باتجاهات عالمية تُبشّر بمعدلات نمو سنوية تتراوح بين 10% و15% خلال السنوات الخمس المقبلة. وتُظهر الدراسات السوقية أن مساهمة سياحة المغامرات قد تصل إلى 35% من إجمالي إيرادات السياحة في منطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويمثل هذا التعاون استجابة استراتيجية مدروسة لهذه المؤشرات الواعدة، ما يعزّز من مكانة إماراتيّ رأس الخيمة والفجيرة كمحورين رئيسيين في رسم ملامح مستقبل سياحة المغامرات في المنطقة.
استكمال مسيرة التعاون بين الوجهات السياحية
تعزّز الشراكة مع مركز الفجيرة للمغامرات التزام هيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة وجهودها المتواصلة لتعزيز نموذج السياحة العابرة للحدود، وبناء شراكات استراتيجية مع أبرز الوجهات السياحية في المنطقة. ويأتي هذا التعاون استكمالاً لنجاحات سابقة حققتها الإمارة في هذا المجال، وفي مقدمتها الشراكة المثمرة مع محافظة مسندم في سلطنة عُمان والتي أرست مثالاً يُحتذى به لتجارب السفر المشتركة. وقد أثبتت هذه الشراكات الإقليمية فعاليتها في تنشيط السياحة الدولية وترسيخ مكانة المنطقة كوجهة متكاملة لعشّاق المغامرات. ومن خلال تسهيل التجارب العابرة للحدود والترويج لها، تواصل رأس الخيمة ترسيخ موقعها كبوابة رئيسية لأبرز وجهات المغامرات في المنطقة بما يثري عروضها السياحية ويُكمّل ما تقدمه الإمارات المجاورة من تنوّع فريد في المقومات السياحية.
- انتهى -